“أردت أن يظهر الفيلم شغف وعزم دينيس، فحاولت أن أصنع فيلمًا ملهمًا بالرغم من قصته المأساويّة.”
● كيف ولد هذا المشروع؟
تم تصوير فيلم “الحفاظ على التوازن” كجزء من تدريبي في أكاديمية السينما في فيينا. توجب علينا تصوير وثائقي في الفصل الدراسي الأول، فرحت أبحث عن قصة في مدينة ملاهي “براتر“. أردت أن أجد موضوعًا يظهر الطرف المظلم لهذه الأماكن التي عادةً ما يُخيّل لنا أنها مبهِجة ومفعمة بالحياة.
أبهرتني دينيس وهي تعتلي لعبة التاغادا. راقبتها مطوّلًا ثم توجهت إليها وسألتها “كيف تفعلين ذلك؟” وأوّل ما اجابتني به هو “أدور فوق هذه اللعبة كلّ يوم منذ أكثر من ست سنوات!”
كان من الواضح أن قصةً ما تكمن وراء جوابها. عندها، أخبرتها أنني أبحث عن موضوع لفيلمي الوثائقي وطلبت منها أن أجري مقابلة معها.
● أخبرتك دينيس عن أوقات خاصة وصعبة عاشتها في طفولتها ومراهقتها. لماذا وثِقتْ بك؟
فور بدء حديثنا رحت أسجل صوتها. وثِقتْ دينيس بي وأخبرتني قصة حياتها ولم أتوقع مدى قساوتها. اجتمعنا عدّة مرّات وسجّلت ثماني ساعات من اللقطات الطبيعيّة والواقعيّة.
وسألت دينيس عن سبب موافقتها على إخباري قصتها، فأجابتني قائلة “من جهة، التكلم يفيد دائمًا؛ ومن جهة أخرى، أوّد أن أظهر للناس أنه مهما ساءت الأمور، لا بد من وجود طريق للمضي قدمًا.”
أردت أن يظهر الفيلم شغف وعزم دينيس، فحاولت أن أصنع فيلمًا ملهمًا بالرغم من قصته المأساويّة.
● نسمع صوت دينيس لكن لا نراها تتكلم أمام آلة التصوير. لماذا قمت بهذا الخيار؟
بداية، كانت بحوزتي ساعات من التسجيلات الصوتيّة لدينيس وهي تخبرني عن قصتها للمرة الأولى، وأيقنت أنه من المستحيل إيصال تلك المشاعر الصادقة إن طلبت منها أن تخبرني قصتها من جديد أمام عدسة آلة التصوير.
وثانيًا، أنا لست من محبي الأفلام الوثائقية التي هي عبارة عن أفلام تعتمد على أسلوب “الرؤوس المتكلمة” talking heads (أي الأفلام التي تلتقط صور وجه الذي تُجرى معه المقابلة فقط). غالبًا ما أتجنب أن أحضر معي آلة التصوير عند إجراء المقابلة الأولى كي لا تكون مصدر توتر للمتحدث.
● هل يمكنك أن تخبرنا عن الناحية التقنية في إعداد الفيلم؟ خاصة عن المشهد الأخير حيث تدور آلة التصوير مع دينيس على هذه اللعبة الدوّارة التي هي كالوعاء الدائري؟
كان التصوير سهلًا. أمضينا مع دينيس يومين في مدينة ملاهي “براتر” لكي نرى الموقع والأجواء.
لكنّ المشهد الأخير هو من أصعب المشاهد التي صوّرناها حيث أننا وضعنا آلة التصوير على لعبة تاغادا الدوّارة. كنا قد صنعنا في أكاديمية السينما جهازًا لوضع آلة التصوير عليه، ثم ثبّتنا هذا الجهاز باللعبة الدوّارة. وقد جلس مهندس الصوت إلى يمين آلة التصوير وجلست أنا إلى يسارها ودرنا لما يقارب ال٣٠ مرّة مع دينيس.
منذ بداية الفيلم، أردت أن أتقرب من دينيس، وأن أنهي الفيلم وهي في عالمها فوق لعبة التاغادا.
● ما هي مشاريعك الحالية؟
رغم أنني أحب صنع الأفلام الوثائقية، أركز حاليًا على الأفلام الروائية. أخرجت عددًا من الأفلام القصيرة وأعمل على سيناريو لأوّل فيلم طويل لي بعنوان “بيكوك” أي الطاووس في اللغة العربية.
● هل تريد أن تقول كلمة عن “٩٩” وعن ترجمة فيلمك إلى عدّة لغات؟
أنا سعيد للغاية أن قصة دينيس وشجاعتها في مواجهة الحياة وصلت إلى جمهور كبير وترجمت إلى عدّة لغات. شكرًا جزيلًا على هذه الفرصة!