يخوض جوزيف على دراجته سباقًا مع الوقت. ها هو يجول شوارع لاغوس الخانقة وبحوزته وحدات دم يحتاجها قسم الولادة في أحد المستشفيات.
لاغوس التي هي عاصمة نيجيريا الاقتصاديّة، تُعّد من بين أكثر دول العالم ازدحامًا. لهذا السبب قد يستغرق إيصال الدّم فيها لأكثر من ٢٤ ساعة.
جوزيف المسمى ب”blood rider” أي “المتسابق من أجل إيصال الدّم”، يعرّض حياته للخطر كلّما ركب درّاجته الناريّة وجال في شوارع لاغوس الخانقة بسبب ازدحامها بالسيارات، والحافلات الصغيرة، والمشاة أيضًا. بالرغم من ذلك، فإنه يقود متجاوزًا كلّ تلك الآليات، وفي الوقت نفسه، يلقي بطرف عينه إلى جهاز تحديد المواقع. فهو يسعى جاهدًا ليوصل حمولته الطارئة من عيّنات الدّم إلى قسم الولادة.
أمّا ديبورا، الموجودة في ذلك القسم فتعاني من آلام الوضع وتحتاج إلى نقل دم بشكل طارئ لأن حياتها بخطر.
تحرير: Jim Hession, Jon Kasbe, Federico Conforti إنتاج: Michael Tabtabai
موسيقى: Nathan Halpern, Chris Ruggiero
ترجمة: Miguelle Khattar Abi Nader, Randa Abou Chacra
مقابلة
Jon Kasbe مخرج
“كانت رحلة فوضوية، وغامضة وفريدة من نوعها، إنهم يخاطرون بحياتهم لإنقاذ حياة الآخرين.”
● هل يمكنك أن تخبرنا عن نفسك يا جون؟
أنا مخرج ومصور سينمائي من أصول هندية وأسترالية. حاز أول فيلم لي، “حين تصبح الحملان أسودًا” When Lambs Become Lions جائزة مالية من صندوق صندانس للأفلام الوثائقية (Sundance Documentary Fund) في العام ٢٠١٧، كما فاز بجائزة أفضل مونتاج للعام ٢٠١٨ في مهرجان تريبيكا السينمائي (Tribeca Film Festival)، وفي العام ٢٠١٩، رشحته الرابطة الدولية للسينما الوثائقية لنيل اثنتين من جوائزها وهما جائزة أفضل تصوير سينمائي وجائزة أفضل مونتاج.
هذا وعرضت أفلامي القصيرة في مهرجانات في جميع أنحاء العالم في SXSW وهوت دوكس (Hot Docs) ومهرجان شيفيلد الدولي للأفلام الوثائقية (Sheffield Film Festival)، وغيرها من المهرجانات.
● كيف سمعت عن النقص في مخزون الدم في نيجيريا وكيف ولد هذا المشروع؟
على الصعيد العالمي، تأتي نيجيريا في المرتبة الرابعة لجهة ارتفاع نسبة وفيات الأمومة فيها. وقد صُدمت حين اكتشفت أن من أهم العوامل المساهمة في ارتفاع هذا المعدل بين النساء الحوامل واللواتي يلدن، هو صعوبة نقل وحدات الدم إلى المستشفيات حين تدعو الحاجة إليها. علمت أنه بسبب الأفكار الشائعة في نيجيريا حول أخطار التبرع بالدم، هناك نقص حاد في مخزونه، إضافة إلى أنه يخزّن في بنوك دم مركزية وليس في المستشفيات المحلية. وبما أن لاغوس تعد من بين أكثر مدن العالم ازدحامًا فمن الممكن أن يستغرق إيصال الدّم فيها لأكثر من ٢٤ ساعة.
لذلك، تستخدم شركة LifeBank لتوصيل وحدات الدم التكنولوجيا وأجهزة تحديد المواقع لربط بنوك الدم بالمستشفيات وبسائقي الدراجات النارية المعروفين أيَضًا ب”blood riders” أي “المتسابقين من أجل إيصال الدّم”.
لهذا السبب، دفعتني روح صناعة الأفلام التي أتمتع بها إلى توثيق قصص ال”blood riders” الذين يخوضون على دراجاتهم سباقًا مع الوقت ليوصلوا حمولتهم الطارئة من عيّنات الدّم، بالإضافة إلى مسألة وفيات الأمومة. لقد عملت، خلال سنوات، على أربعة مشاريع في كينيا وعلى مشروع آخر في جمهورية افريقيا الوسطى. لذا أشعر بارتباط عاطفي بتلك المنطقة التي لم تغادر بالي، فاغتنمت فرصة العودة إليها فور توفرها.
● يعرض هذا الفيلم التوازن الرائع بين سرعة وطاقة السائقين وبطء وسكون المشاهد في المنازل والمستشفيات. أخبرنا عن عملية التصوير.
ن اكتساب الثقة، وبناء العلاقات وتصوير المشاهد كلها عمليات لا يمكن التعجيل بها. لقد أمضينا أشهرًا ونحن نطورها ونخطط لها وواجهنا صعوبات كثيرة خلال فترة الأربعة أسابيع التي صوّرنا فيها.
من ناحية، صورنا ال”blood riders” على دراجات نارية منفصلة دون إبطاء سرعتهم، وجلسنا في مؤخرة الدراجة وتمسكنا بأرجلنا مما منحنا الحرية اللازمة للتحكم بجهاز التصوير المحمول باليد. تلك الطريقة سمحت لنا أن نتماشى مع التحديات التي واجهناها في ازدحام السير من منعطفات حادة ومفاجئة، وتغييرات السرعة التي يقوم بها السائقون. كانت رحلة فوضوية، وغامضة وفريدة من نوعها، إنهم يخاطرون بحياتهم لإنقاذ حياة الآخرين.
من ناحية أخرى، صوّرنا على مقربة شديدة من النساء خلال عمليات المخاض، لذلك التزمنا الهدوء الشديد والدقّة، واحترمنا حدودهن وخصوصياتهن.
● كيف استطعت أن تخبرنا في فيلم واحد قصة جوزيف الذي يوصل الدم، وديبورا التي تعيش حالة المخاض؟
عن طريق شركة LifeBank اتصلنا بمستشفيات تطلب وحدات الدم بانتظام، وبدأنا مقابلة النساء الحوامل المتوقع أن يلدن خلال فترة تتراوح بين أسبوعين وستة أسابيع. شعرنا أن ١٠ نساء من أصل ٤٠ اللواتي قابلناهن ارتحن لفكرة تصويرهن ووافقن على مشاركتنا المشروع. من المهم بالنسبة لنا أن نصوّر رحلة كلّ امرأة ونعرّف عن حياتها بدل أن نصورها كشخص مجهول يتم إنقاذه. فأمضينا بعض الوقت مع كل امرأة وصوّرناها قبل دخولها مرحلة المخاض. رحنا نتنقّل بين المستشفى وبيوتهن لمدة شهر وانتظرنا معهن لحظة الولادة. لم نلحق بعض الولادات والبعض الآخر مرّ بسهولة ودون إشكال أو حاجة إلى وحدات دم.
وحين كنا نصوّر ديبورا في قسم الولادة وقد احتاجت لوحدات دم بشكل طارئ، صادفنا ال”blood rider” جوزف الذي كان يوصل وحدات الدم لها. وهنا تقاطعت المشاهد وأصبحت أساس قصتنا.
● ماذا تعمل الآن؟
انتهيت للتو من صنع فيلم وثائقي جديد عن روبوت – سيُكشف عنه خلال هذا العام ٢٠٢٢.
● هل تريد أن تقول كلمة عن “٩٩” وعن ترجمة فيلمك إلى عدّة لغات؟
انا ممتن جدًا ل”٩٩” لأنه سهّل وصول الأفلام إلى مختلف الثقافات واللغات. هذا مهم جدًا للتوعية حول هذه المواضيع على المستوى العالمي.